أردني - سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها الأحد على مدينة عفرين في شمال سوريا إثر عملية عسكرية استمرت نحو شهرين وأسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي.
وتوعد الأكراد بالمواجهة و"ضرب" القوات التركية حتى استعادة كامل المنطقة التي شكلت طوال خمس سنوات أحد "الأقاليم" الثلاثة التي أنشأوا فيها الإدارة الذاتية الكردية.
وشاهد مراسلان لوكالة فرانس برس في عفرين صباح الأحد مقاتلين من الفصائل الموالية لأنقرة وجنوداً أتراكا ينتشرون في أحياء المدينة. واطلق مقاتلون النار في الهواء احتفالاً وهتف آخرون "الله أكبر".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد "الآن، سيُرفع العلم التركي هناك!".
وشاهد مصور لفرانس برس جندياً يحمل العلم التركي فوق شرفة احد المباني الرسمية التابعة للادارة الذاتية الكردية.
ولم ير مراسلو فرانس برس أيا من المقاتلين الأكراد في عفرين، وتحدث أحد السكان عن "انسحابهم" منها.
لاحقا، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية لعفرين ان "حربنا ضد الاحتلال التركي (...) دخلت مرحلة جديدة"، مضيفة ان "قواتنا تتواجد في كل مكان من جغرافيا عفرين، وستقوم هذه القوات بضرب مواقع العدوان التركي ومرتزقته في كل فرصة".
وأكدت "ستتحول قواتنا في كل منطقة من عفرين إلى كابوس مستمر بالنسبة لهم، المقاومة في عفرين ستستمر إلى أن يتم تحرير كل شبر من عفرين".
وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية في 20 كانون الثاني/يناير حملة عسكرية تحت تسمية "غصن الزيتون" ضد منطقة عفرين، قالت أنقرة انها تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها "إرهابية" وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني.
وتخشى أنقرة إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها على غرار كردستان العراق، ولطالما أكدت رفضها للإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في ثلاثة "أقاليم" في شمال وشمال شرق البلاد، بينها إقليم عفرين.
وبعد التقدم الأخير في مدينة عفرين، باتت القوات التركية تسيطر على كامل "إقليم" عفرين الكردي، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
- مدينة بلا سكان -
في مدينة عفرين، أفاد مراسلان لفرانس برس والمرصد السوري عن عمليات نهب. وعمد مقاتلون موالون لأنقرة إلى إخراج مواد غذائية وأجهزة الكترونية وبطانيات وسلعا أخرى من المحال والمنازل ونقلها في شاحنات.
وعمد مقاتلون إلى إحراق أحد متاجر المشروبات الكحولية وأقدموا على تدمير تمثال "كاوا الحداد" الذي يُعد رمزاً للشعب الكردي.
ودفع اقتراب المعركة من مدينة عفرين بـ250 ألف شخص للفرار منها منذ الأربعاء، وفق المرصد. وتوجه معظمهم إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في شمال حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن عفرين "عبارة عن مدينة شبه خالية من السكان".
وخاض المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا فاعلية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، معارك عنيفة ضد القوات التركية والفصائل الموالية لها لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي.
وفي وقت لاحق قال المرصد "قضى 13 على الأقل وأصيب أكثر من 25 بجراح، من الفصائل السورية الموالية للقوات التركية جراء انفجار ألغام بهم داخل مدينة عفرين أثناء عمليات التمشيط التي تقوم بها عقب سيطرتها عليها بشكل كامل".
وأسفر الهجوم والقصف التركي منذ نحو شهرين عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، وفق المرصد الذي وثق أيضاً مقتل أكثر من 400 مقاتل من الفصائل السورية الموالية لأنقرة. كما أعلن الجيش التركي عن مقتل 46 من جنوده.
وأمام الهجوم التركي، طالب الأكراد دمشق بالتدخل، ودخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف. وأراد الأكراد بشكل أساسي ان ينشر الجيش السوري دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، لكن ذلك لم يحصل.
وأسفر الهجوم التركي أيضاً، وفق المرصد، عن مقتل 289 مدنياً. وتنفي أنقرة قصف المدنيين مؤكدة أنها تستهدف مواقع القوات الكردية فقط.
- الأسد في الغوطة -
تشهد سوريا منذ 2011 نزاعاً دخل الخميس عامه الثامن مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص.
وزاد الهجوم التركي في عفرين من تعقيدات الحرب التي تشعبت ولا سيما مع تدخل قوى كبرى فيها.
على جبهة أخرى، زار الرئيس السوري بشار الأسد جنوداً سوريين في الغوطة الشرقية قرب دمشق والتي استعادت القوات الحكومية السيطرة على أكثر من 80 بالمئة من مساحتها.
وتوجه لهم بالقول إن "أهالي دمشق أكثر من ممتنين لكم وسيذكرون هذا الأمر لعشرات السنين وربما لأولادهم، كيف أنقذتم مدينة دمشق"، بحسب ما نشرت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي الاحد.
وتسبب الهجوم على الغوطة الشرقية، آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، بمقتل أكثر من 1400 مدني منذ 18 شباط/فبراير.
وعلى وقع المعارك والقصف، فرّ 15 ألف مدني الأحد من الغوطة الشرقية ليرتفع إلى 65 ألفاً عدد النازحين منذ الخميس، باتجاه مناطق أخرى تسيطر عليها القوات الحكومية التي فتحت معابر لخروج المدنيين قبل نقلهم إلى مراكز إيواء، وفق المرصد.
مساء الأحد، تجدد القصف الجوي على بعض أحياء منطقة دوما التي يسيطر عليها جيش الإسلام، وشهدت منطقة حرستا ايضا سقوط قذائف وصواريخ. وقال المرصد ان ستة اشخاص قُتلوا الاحد في قصف طاول مناطق المعارضة بالغوطة.
ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت قوات النظام من تقطيع اوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وحرستا غرباً حيث حركة أحرار الشام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن.