أردني - حصري - نادر سليمان - لا بدّ في البداية من الإشادة بالإجراء الذي اتخذه رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، بأمر مباشر من جلالة الملك، والمتمثّل بدعوة مدير عام شركة "جتّ" وسائق الحافلة التابعة للشركة، بعد الخطأ الذي ارتُكِب بحقّه أمس.
كما أنّ من الحكمة والحصافة تقديم اعتذار معلن للسائق، بعد أن أثبتت التحقيقات أنّ الشكوى المقدّمة بحقّه من جانب مسؤول في الديوان الملكي الهاشمي غير دقيقه، وأنّ السائق لم يرتكب خطأ يستوجب المخالفة المروريّة التي دوِّنت بحقّه.
أيضاً، يُسجّل لمديريّة الأمن العام أنّها قامت بمتابعة الأمر ومعالجته، وإنصاف السائق الذي يستحقّ هو الآخر الإشادة بعد أن احتجّ على مخالفته بطريقة حضاريّة، ولم يعالجها بخطأ آخر كما يفعل البعض حينما تُرتكَب بحقّهم أخطاء مشابهة من جانب مسؤولين أو مؤسّسات بعينها.
هذه الحادثة يجب أن تنقلنا نحو قضيّة مهمّة، ألا وهي تجذير ثقافة الاعتذار والتراجع عن الأخطاء، وهي بكلّ أسف ثقافة نادرة جدّاً لدى الكثير من المسؤولين، إذ يخجل المسؤول غالباً، أيّاً كانت رتبه أو مكانته من التراجع عن الخطأ والاعتذار الصريح عنه.
وقد تسبّبت الكثير من الحوادث السابقة المماثلة بالحرج للعديد من مؤسّسات الدولة، إذ كان الكثير من المسؤولين يعالجون الأخطاء بإصرارهم عليها، ويخجلون من تقديم الاعتذار أو الإفصاح عن تفاصيل تلك الحوادث لأنّها تدينهم.
اليوم، تبعث حادثة مسؤول الديوان الملكي الأمل من جديد بتغيير هذا النمط الكلاسيكي، وتحفيز المسؤولين على تقبُّل ثقافة الاعتذار، والتراجع عن الأخطاء، فالمسؤول في نهاية الأمر هو بشر، من الممكن أ يُخطئ فلا أحد معصوم عن الخطأ، ومن واجب من يخطئ أن يعتذر ويتراجع عن خطأه.
ولنتذكّر معاً العديد من الحوادث المشابهة التي تدخّل جلالة الملك شخصيّاً لحلّها، ودفع المسؤولين إلى تقديم اعتذارهم لمن ارتكبوا بحقّهم أخطاء، ودليل ذلك بعض الأخطاء التي ارتكبها عن غير قصد بعض المرافقين لموكب جلالته في أماكن مختلفة، كما أنّ جلالة الملك الحسين رحمه الله كان على ذات النهج، والكثير من الحوادث تدلّل على ذلك.
خلاصة القول: نحتاج أن نأخذ العبرة والمثل من هذه الحوادث، وأن نغيّر من ثقافتنا كأفراد ومسؤولين من أجل الظهور بمظهر حضاري، يعكس مقدار الانفتاح والحضاريّة التي ينعم بها الوطن، ومقدار التسامح والتواضع الذي تحثّنا إليه القيادة الهاشميّة.
ربِّ اجعل هذا البلد آمناً..